Saint Mary of Egypt -->

Wednesday, November 16, 2016

سلسلة قصص روحية
6. من يخلف الإمبراطور؟

+ مرة كان إمبراطور يعيش في الشرق الأقصى، وقد بلغ من العمر أقصاه، وأدرك أن الوقت قد حان ليختار مَن يخلفه. وبدلاً من أن يختار واحداً من مساعديه أو أحد أبنائه أو قائد جيشه، قرر أن يفعل شيئاً مختلفاً؛ إذ دعا كل شباب المملكة إلى قصره في أحد الأيام، وطفق يقول لهم:
- ”يا شباب، لقد حان الوقت لأُقرر اختيار مَن يخلفني ليصير الإمبراطور القادم. لقد قررتُ أن اختار واحداً منكم“!

وبُهت الشباب! ولكن الإمبراطور مضى يقول:
- ”سوف أُعطي لكل واحد منكم اليوم بذرة واحدة، إنها بذرة خاصة جداً. وأريدكم حينما تعودون إلى بيوتكم أن تزرعوا البذرة وترووها، ثم تعودون إلى هنا بعد عام من اليوم حاملين معكم ما أنبتموه من هذه البذرة. وسوف أفحص كل ما ستحضرونه، والشخص الذي أختاره بناءً على ذلك، سوف يكون هو الإمبراطور الجديد للمملكة“!
وكان من بين هؤلاء الشباب فتى اسمه ”لينج“ كان حاضراً هناك في ذلك اليوم، ومثل أقرانه استلم بذرة. ولما عاد إلى بيته سرد على أُمِّه بابتهاج شديد كل ما حدث. فساعدته أُمُّه بأن أَعدَّت له أصيصاً وبعض التربة المختصة بالزرع، وقام ”لينج“ بزرع البذرة، وصار يرويها بعناية فائقة. وفي كل يوم يرويها فيه كان يراقب ما إذا كانت البذرة تنمو أم لا.
وبعد ثلاثة أسابيع تقريباً، بدأ يسمع باقي الشباب يتكلَّمون عن بذارهم وعن الزرع الذي بدأ ينمو كل واحد في أصيصه. أما ”لينج“ فكان يعود إلى بيته كل يوم وينظر الأصيص، لكنه لم يشاهد أية بادرة تنمو. ومرت ثلاثة أسابيع، وأربعة وخمسة، وظل الأمر على ما هو عليه!
ولكن الشباب الآخرين كانوا يتكلَّمون عن نباتاتهم التي نمت من البذار التي أخذوها من الإمبراطور، أما هو فلم يجد أية بادرة نبات، وأحسَّ بالإخفاق. ومضت ستة أشهر، وما زال أصيص ”لينج“ لا نبات فيه. ولم يقل ”لينج“ شيئاً لرفقائه الشباب، لكنه ظل ينظر وينتظر أن تنبت بذرته.
ومضى عام، وحلَّ الموعد ليُحضر شباب المملكة زرعهم إلى الإمبراطور ليفحصه. وقال ”لينج“ لوالدته إنه لن يذهب حاملاً أصيصاً فارغاً. لكنها شجَّعته أن يذهب، حاملاً أصيصه ولو فارغاً وأن يكون أميناً وصادقاً في سرد ما حدث. وأحس ”لينج“ بألم شديد، لكنه كان يعرف أن والدته دائماً على حق. فحمل أصيصه الفارغ ومضى إلى القصر.
وحينما وصل ”لينج“ إلى القصر اندهش من تنوُّع النباتات التي نمت لدى كل الشباب الآخرين. كانت جميلة حقاً، في منظرها وحجمها. ووضع ”لينج“ أصيصه على الأرض فارغاً، فأخذ كثيرون من الشباب يضحكون عليه، ولكن قِلَّة منهم رثوا لحاله وقالوا: ”هي محاولة“!
وحينما وصل الإمبراطور، عَبَرَ على الصالة كلها وحيَّا الشباب كلهم، وحاول ”لينج“ أن يُخفي نفسه فانسحب إلى آخر الصالة.
وقال الإمبراطور: ”يا الله! ما أعظم الزروع والأشجار والأزهار التي أنميتموها؛ واليومَ، واحد منكم سوف يُختار ليكون الإمبراطور القادم“!
وفجأة، لمح الإمبراطور الشاب ”لينج“ في مؤخرة الصالة بأصيصه الفارغ! فأمر حرَّاسه أن يُحضروه إلى المقدمة أمامه. وارتعب ”لينج“ وقال في نفسه: ”الإمبراطور عرف أني فشلت، وقد يأمر بقتلي لأني أفسدتُ بذرته“!
وحينما وصل ”لينج“ إلى المقدمة، سأله الإمبراطور عن اسمه. فأجاب: ”اسمي "لينج"“. فأخذ كل الشباب يضحكون ويستهزئون به. وأمر الإمبراطور الكل بالهدوء، ثم نظر إلى ”لينج“ وأعلن للجمع ما يلي:

- ”انظروا! ها هو إمبراطوركم الجديد! واسمه "لينج"“.


ولم يُصدِّق ”لينج“ ما سمعه، فإنه لم يستطع حتى أن يُنمي بذرته. فكيف يكون هو المختار إمبراطوراً؟
ثم أكمل الإمبراطور:
- ”اليوم مرَّ عام منذ أن أعطيت لكل واحد منكم هنا بذرة، وطلبت منكم أن تأخذوا البذرة وتزرعوها وتُعيدوها لي اليوم. لكني أعطيتكم كلكم بذوراً مَغْليَّة لا يمكن أن تنمو. وكلكم، ما عدا "لينج"، أحضرتم أشجاراً ومزروعات وزهوراً. فحينما وجدتم أن البذرة لم تنمو، استبدلتموها ببذار أخرى بدلاً من تلك التي أعطيتُكم. أما "لينج" فقد كان الوحيد الذي كان عنده هذا القدر من الشجاعة والأمانة والصدق ليُحضِر أصيصه فارغاً وبذرتي فيها. لذلك، فهو الذي سيكون الإمبراطور الجديد“!
+   +   +
الشجاعة والأمانة والصدق هي رأس مال المسيحى . وحتى لو قابل الأنسان المسيحي ما اعتبره فشلاً أو إخفاقاً، فهو لن يلجأ إلى التحايل أو المُحرَّمات لكي يُصحح موقفه ، بل يجاهد بنعمة الله ، والله سيُعينه.

No comments:

Post a Comment