Saint Mary of Egypt -->

Monday, November 21, 2016

سلسلة قصص روحية
10. جلد لآجلى
+ حدث قبل سنوات عديدة وفي احدى المدن الجبلية النائية انه كانت توجد مدرسة لم يستطع أي معلم ان يؤدب تلاميذها الذين كانوا شرسين للغاية ، ولذا كان المعلمون يفضلون الاستقالة على البقاء فيها .
وفي احدى الأيام تقدم معلم اشهب العينين في مقتبل العمر طالباً ان يُقبل كمعلم في المدرسة ، فتفرس مدير المدرسة العجوز بوجهه وبادره بقوله : "ايها الزميل الشاب ، أتعلم ما طلبت ؟ إنهم قتلة ! جميع الذين علَّموا قبلك عندنا لم يسلموا منهم .. فاجاب المعلم على الفور : "سأغامر" .
واخيراً ظهر في غرفة الفصل ليبدأ التعليم . عندما همس احد التلاميذ الضخام الجثة واسمه زياد قائلاً : "لن أطلب أية مساعدة منكم يا اصدقائى ، فبأمكاني ان أغلبه لوحدي ".
قال المعلم : صباح الخير يا اولاد ، لقد أتينا لنباشر الدراسة ! فزعقوا بأعلى صوتهم رادين له التحية .  فقال لهم " انني اريد ان نصبح مدرسة جديدة لكن لن اكتم عليكم انني لا اعرف كيف ما لم تساعدوني انتم . اعتقد انه ينبغي ان يكون لنا بعض القوانين . انتم اذكروها وانا اسجلها على اللوح الاسود .
فصرح احدهم قائلاً: "السرقة ممنوعة ! " وزعق آخر قائلاً "ينبغي الحضور الى المدرسة في الوقت المعيَّن دون تأخير" . وهكذا سجلوا عشرة نقاط في القانون الجديد للمدرسة .
" والآن" قال المعلم ، " لا فائدة من القانون ما لم يرتبط بعقاب للمخالف . ماذا سنفعل بالذي يخالف احد هذه البنود من القانون ؟"
"اجلده عشرة جلدات على ظهره ، على ان يكون بلا معطف ".
"هذا العقاب شديد وموجع يا اولاد ، فهل انتم على استعداد لتطبيقه ؟ " فزعق الجميع بصوت واحد "موافقين" . فقال المعلم عندها " اذاَ ، يعتبر هذا النظام ساري المفعول من هذه اللحظة في المدرسة " .
بعد مضي يوم واحد او يومين وجد "زياد البدين" ان طعامه قد اختلس ، وبعد التحقيق الدقيق ظهر السارق ـ انه احد التلاميذ الصغار ، في العاشرة من عمره . في صباح اليوم التالي اعلن المعلم قائلاً : "لقد وجدنا السارق ، وبموجب القانون الذي وضعتموه ، يجب ان يعاقب بجلده عشرة جلدات على ظهره ! تعال الى هنا يا فريد !"
تقدم الفتى الصغير مرتجفاً وهو يسير ببطء . وكان يلبس معطفاً فضفاضاً ومقفل الأزرار حتى الرقبة ، ويتوسل الى المعلم قائلاً " بامكانك ان تجلدني بأقسى شدة ، لكن ارجوك ، لا تطلب مني ان اخلع معطفي ! "
" بل يجب ان تخلع معطفك ، لقد كنت انت احد واضعي هذا القانون ! "
" آه ، يا معلمي ارجوك ان تعفيني من ذلك ! " ولما لم يجد استجابة لتوسلاته ابتدأ يفك ازرار المعطف ، ويا لهول ما رأى المعلم ! لم يكن المسكين يلبس قميصاً تحت المعطف بل كانت هناك سيور حمالة سرواله على جسده النحيل وعظامه بارزة لشدة هزاله .
" كيف يمكن جلد هذا الصبي ؟ " فكر المعلم في نفسه ، " لكن يجب ان اتخذ أي اجراء ان كنت اريد الابقاء على هذه المدرسة " . خيم الصمت الرهيب وبدى الإنذهال على الجميع . "كيف حدث انك بدون قميص يا فريد ؟ "
" لقد توفى والدي " قال فريد ، و "والدتي فقيرة جداً ، وليس عندي سوى قميص واحد ، وهي تغسله اليوم ، لقد ارتديت معطف اخي الكبير لاستدفئ به " .
تلعثم المعلم واحتار في أمره ، بينما كانت العصا ما زالت في يده . وعندها قفز "زياد البدين" وافقاً يقول : " ان كنت لا تمانع ، اجلدني انا نيابة عن فريد . "
" حسن جداً ، هناك قاعدة ثابتة تقول ان بامكان الشخص ان ينوب عن شخص آخر . فهل كلكم موافقون على ذلك ؟ "
خلع "زياد البدين" معطفه ، وبعد خمس جلدات على ظهره انكسرت العصا ! عندها وضع المعلم كفيه على راسه ، مفكراً في نفسه . "كيف استطيع ان انهي هذه المهمة المريعة ؟ "
ثم سمعه الصف كله يشهق مسترداً انفاسه ، فماذا رأى امامه ؟ "فريد الصغير" يسرع الى زياد ويلف ذراعه حول عنق زياد قائلاً : " انا متأسف يا زياد لأني اختلست طعامك . لكني كنت جائعاً جداً . سأحبك يا زياد الى آخر يوم من حياتي لأنك قبلت ان تجلد نيابة عني ! نعم سوف أحبك الى الأبد ! "
+   +   +
قارئي العزيز ، هل حدث ان احسست ان حالك هو نفس الحال الذي كان فيه فريد ؟ تعديت وكسرت الشرائع والقوانين ، وانك تقف مذنباً في نظر الله كخاطئ وتستحق العقاب الأبدي " فالنفس التي تخطئ هي تموت " . لكن يسوع المسيح رضي ان يجلد نيابة عنك وهذا ما فعله على الصليب ، وها هو الآن يقدم لك رداء الخلاص ليسترك به "
فهل ستقبله كنائب عنك ! معترفاً بخطاياك : " ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم . " الا تقع عند قدميه وتقول له انك ستحبه وتتبعه الى الأبد ؟
دمي الثمين قد ارقت من أجلك ... وأنت ماذا يا ترى ــــ فعلت من أجلي ؟؟

No comments:

Post a Comment