سلسلة تأملات روحية
4. أصحاب الساعة الحادية عشر
إن الحياة الروحية للأنسان المسيحى يصعب
فيها النمو إن خلت من فضيلة التأمل ، لأن التأمل يفتح عقل الأنسان على أشياء روحية
لا ترى من الصعب جدا ان يتعرف عليها ما لم يتأمل فيها ، وجميع أباء البرية
القديسين بلا أستثناء لم يصلوا الى الدرجات الروحية العالية إلا عن طريق التأمل
الروحى ، فالرهبنة أربع درجات ( الهذيذ – الدهش – التأمل – الأتحاد الكامل بالله )
والتأمل هو ثالث درجة فيها . تابع معى تلك
السلسلة من التأملات كل يوم جمعة والتى ستكون معظمها فى سير القديسين وأرجو ان
تتفاعل معى بكتابه تعليقك او تأملك الشخصى.....
+ المقصود بأصحاب الساعة الحادية عشر ،
الأشخاص الذين يعرفون الله ويحيون حياته فى الهزيع الأخير من حياتهم اى قبل
انتقالهم بدقائق او بساعة او بسنة ومن أشهر هؤلاء الاشخاص هو اللص اليمين وأيضا
القديسة بائيسة التائبة وهى موضوع تأملنا اليوم
القديسة بائيسة عاشت بداية حياتها انسانة
طاهرة عفيفة بتول تبحث عن خلاص نفسها وقررت بعد وفاه والديها ان توزع مالها على
الفقراء والمحتاجين تنفيدا لوصية رب المجد
( + ان اردت ان
تكون كاملا فاذهب و بع املاكك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال
اتبعني ( مت 19 : 21 ) )
ولكن عدو كل خير تدخل لكى يفسد عفتها وطهارتها
ويضيع ابديتها بعد ان عرفت الطريق لها وكانت تسير بخطوات ثابتة فيه
ولكنها حادت عنه وبدأت تسير فى طريق الشر حتى
نست الله تماما ونست عفتها وطهارتها التى كانت تحيا من خلالهم .
التأمل :
وهنا قف وتأمل معى قليلا فى شعور السماء
والسمائيين كلهم
الله كان محدد للقديسة بائيسة انه سيأخذ
روحها فجر يوم 2 مسرى ونحن الأن فى ظهر يوم 1 مسرى . يعنى يفصلنا ساعات قليلة
وبائيسة تؤخد روحها وهى حتى ظهر يوم 1 مسرى غارقة فى شهواتها وبعيدة كل البعد عن
الله والسماء وانا اتخيل هنا حجم صلوات السماء كلها ومدى عمق وحرارة هذه الصلوات
امام الله من اجل بائيسة لكى يفعل الله شئ لها فى الساعات القليلة المتبقية ولا
يدعها للشيطان لكى يملك عليها
وبالفعل امر الله احد الملائكة لكى يظهر
للقديس العظيم الأنبا يحنس القصير لكى يبلغه ان يذهب لبائيسة ويقودها للتوبة ،
وكانت بائيسة على علاقة قوية بالقديس يحنس القصير حينما كانت فى حياه البر
والقداسة وجائت هذه الرساله للأنبا يحنس من الملاك فى ظهر 1 مسرى وبدأ فى التحرك
من مغارته لكى ينزل للمدينة ووصل عند المساء وسأل عن منزلها وتوجه اليها وهنا
نتخيل منظر السماء وهى فى قلق وتلهف وخوف ، على ابدية بائيسة التى ستؤخذ روحها
خلال ساعات قليلة جدا وبالطبع هى لا تعلم ولا الأنبا يحنس ايضا
وتقابل معها الأنبا يحنس ويا له من لقاء رائع
جمع بينهم، وتدخل الروح القدس بقوة تحمل كل صلوات السمائيين وبالفعل استجابت
بائيسة لتوبة قوية جدا من اعماق قلبها وطلبت من الأنبا يحنس ان يخرجها من هذا
المكان لكى تحيا حياه جديدة طاهرة نقية وخرجوا من المنزل عند المساء وهم فى الطريق
فى الصحراء متوجهين لأحد اديرة العذارى استراحوا قليلا لكى يكملوا سيرهم فى الفجر
. وعند الفجر قام الانبا يحنس ليوقظ بائيسة فوجد روحها قد صعدت للسماء عند المسيح
.
لا استطيع ان اتخيل كم حجم فرحة كل السماء
والسمائيين بصعود القديسة بائيسة لهم وانقاذ روحها من الهلاك الابدى وكيف كان
استقبالهم لها . حقا يا ربى كما اخبرتنا :
+
اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة و
تسعين بارا لا يحتاجون الى توبة ( لو 15 :
7 )
+ ملحوظة : إن هذه الرساله تحتوى على جزء
لتأمل روحى تخيلى فمن الممكن لهذا الجزء ان يكون بعض منه حدث والبعض الأخر لم
يحدث. فالتأمل نوعان : إما تأمل فعلى على أحدى الأجزاء من القصة التى حدثت أوتأمل
تخيلى على جزء من القصة لم يذكر عنه شئ ونحن نتخيله
No comments:
Post a Comment