سلسلة قصص روحية
149. الشيطان والملاك
انعقد مجلس قيادة الشياطين وجلس بعلزبول رئيس الشياطين
وعلى رأسه تاج مرصع بالخناجر والأسهم والدماء وهو يجلس بكبرياء و زهو عظيمين وتفوح
منه رائحة الموت بملابسه السوداء ويبدو على محياه القسوة وتشع الكراهية من عينيه ،
وقد بدأ جلسته بتوبيخ الشياطين على قلة الحصيلة في الأيام الماضية ، فمازال بعض
الناس يصومون ويصلون ويحبون بعضهم.
ثم قال لهم في تحدي واضح : إن من يقدم لي أعظم عمل ،
سأقوم من على كرسي الملك وأجلسه مكاني وألبسه تاجي ، تقدم شيطان كبير وأخذ يعدد
أعماله في كبرياء و فخر " لقد حرضت شابا على القتل ، فقتل جاره من أجل خمسة
جنيهات " و هنا زمجر الرئيس قائلا: اجلس ، ما أهمية هذا ؟
ثم قام شيطان آخر يقول بثقة واعتزاز : " لقد جعلت
أسرتين يتشاجران و يتخاصمان بسبب خناقة صغيرة بين طفلين. " فقال له الرئيس بعدم مبالاة : اجلس ، وقام آخر
يقول : " لقد أسقطت شابة عفيفة في الزني " فلم يرد عليه الرئيس.
و هكذا تقدم شيطان تلو الآخر دون أن ينال أحدهم رضى الرئيس وهنا تقدم شيطان عجوز يبدو على
محياه دهاء السنين برغم هدوئه الظاهري و
قال في تواضع مصطنع : " أنا لم أعمل
شيئا عظيما مثل سائر زملائي ، أنا جالس أرافق أحد الخدام منذ سنتين ، عندما يقول :
أقوم لأصلي ، لا أعارضه ولكني أقـــول له: استرح الآن وصلي غدا فأنت مرهق وعندما
ينوي الاعتراف أقـــول له : انتظر بعد الامتحانات حتى تستعد جيدا ولا سيما إن
أبونا مشغول ، وعندما ينوي الصيام أقول له : إن صحتك ضعيفة ، فانتظر حتى يمر نصف
الصيام ، وعندما يهم بفتح الإنجيل أجلب له النعاس
وهكذا مرت سنتين دون أن يعمل شيئا.
هنا تهلل رئيس الشياطين وقام عن كرسيه متحمسا وقـــــال
له: أنت الملك الحقيقي ، إنك ربحت هذه النفس لجهنم بذكاء ولباقة ، كم أنت حكيم
أيها الشيطان المحنك العجوز!! شيطان الكسل
، تعال و جند جنودك لينتشروا بين سائر المسيحيين المتدينين ، فقد عرفت كيف تدخل
إليهم ، لقد قدمت لي أعظم عمل.
+++
و في المقابل قال الله لأحد الملائكة : انزل إلي الأرض
واحضر لي أثمن شئ في العالم ، هبط الملاك على الأرض وعبر التلال والوديان والبحار
باحثا عن أثمن شئ يقدمه ، فوجد جنديا شجاعا مات في المعركة يدافع عن وطنه فأخذ
نقطة من الدماء وأحضرها لعرش الله و قال : أيها السيد ، بالتأكيد هي أثمن شئ في
العالم ، قال له الله : حقا أيها الملاك
إنها شي عظيم ولكن ليست أثمن شئ.
عاد الملاك يبحث حتى وجد ممرضة تخدم المرضى حتى مرضت هي
أيضا ولفظت أنفاسها الأخيرة ، فأخذ آخر نفس وقدمه لله ، فابتسم الرب للملاك وقال :
أما عن بذل الذات فهو تقدمة ثمينة جدا في نظري ولكن ليست أثمن شئ.
عاد الملاك يتجول في الأرض فرأى شخصا شريرا قاسيا ذاهبا
إلى كوخ عدوه ليحرقه و عندما اقترب من النافذة رأى زوجة عدوه تعلم طفلها الصغير أن يصلي و يشكر
الله على بركاته ، فتذكر طفولته وكيف كانت أمه تعلمه الصلاة وتأخذه القداس ليتناول
و كيف أصبح حاله اليوم ، فذاب قلبه القاسي وشعر بالندم وانحدرت دمعة من عينيه ،
فأمسك بها الملاك وطار مسرعا لله وقال :
ما رأيك يا سيدي ؟ فابتسم الرب في ابتهاج
و هو يقول: حقا أيها الملاك ، لقد أحضرت أثمن شئ في العالم يفرح قلبي ، دموع
التوبة التي تفتح السماء.
_____________
للأشتراك معنا على قناة
اليوتيوب لكى تتابعوا الفيديوهات اليومية الجديدة ،، أدخل على هذا الرابط واضغط
على كلمة (Subscribe)
صفحة القديسة مريم المصرية
السائحة
No comments:
Post a Comment