سيرة حياة القديس يوحنا المعمدان
ابن زكريا الكاهن
(السابق - الصابغ - نبي العهدين)
هو مُهيئ طريق المسيح، وابن
زكريا الشيخ وزوجته أليصابات (لو 1: 5 - 25 و57 - 85).
وكلاهما
من نسل هارون ومن عشيرة كهنوتية. ويستدل من (لوقا 1: 26) أن ولادته كانت قبل ولادة
المسيح بستة أشهر. وقد عينت الكنيسة يوم ميلاده في 24 حزيران (يونيو)، أي عندما يأخذ
النهار في النقصان، وعيد ميلاد المسيح في 25 كانون الأول، أي عندما يأخذ النهار في
الزيادة استنادًا على قوله: "ينبغي أن ذلك يزيد "واني أنا أنقص" (يو
3: 30). وكان أبواه يسكنان اليهودية، ولربما يوطة، يطا الحاضرة بقرب حبرون، مدينة الكهنة.
وكانا محرومين من بركة النسل. وكانت صلاتهما الحارة إلى الله أن ينعم عليهما بولد.
وفي ذات يوم كان زكريا يقوم بخدمة البخور في الهيكل ظهر له الملاك جبرائيل وسكن روعه
وأعلمه لأن الله قد استجاب صلاته وصلاة زوجته، وبدت الاستجابة مستحيلة في أعينهما واعين
البشر بالنسبة إلى سنهما. وأعطاه الملاك الاسم الذي يجب أن يسمى الصبي به متى ولد،
وأعلن له أن ابنه سيكون سبب فرح وابتهاج، ليس لوالديه فحسب، بل أيضًا لكثيرين غيرهما،
وأنه سيكون عظيمًا، ليس في أعين الناس فقط، بل أمام الله. وأن مصدر عظمته الشخصية هو
امتلاؤه من الروح القدس، ومصدر عظمته الوظيفية في أنه سيكون مهيئًا طريق الرب، وزاد
الملاك ما هو أعظم من ذلك أي أن يوحنا يكون المبشر بظهور المسيح الموعود. فيتقدم أمامه
متممًا النبوة التي كان يتوق إليها كل يهودي بأن إيليا يأتي قدام المسيح، ويهيء للرب
شعبًا مستعدًا (مل 4: 5 و6 ومت 11: 14 و17: 1 - 13).
أما
زكريا فلم يصدق هذه البشارة لأن الموانع الطبيعية كانت أبعد من أن يتصورها العقل. ولم
يكن معذورًا لأنه كان يعلم جيدًا ببشائر نظيرها، لاسيما بشارة الملاك للشيَخين إبراهيم
وسارة. ولهذا ضرب بالصمم والخرس إلى أن تمت البشارة.
ولد
يوحنا سنة 5 ق.م. وتقول التقاليد أنه ولد في قرية عين كارم المتصلة بأورشليم من الجنوب
(لو 1: 39). ولسنا نعلم إلا القليل عن حداثته. ونراه في رجولته ناسكًا زاهدًا، ساعيًا
لإخضاع نفسه والسيطرة عليها بالصوم والتذلل، حاذيًا حذو إيليا النبي في ارتداء عباءة
من وبر الإبل، شادًا على حقويه منطقة من جلد، ومغتذيًا بطعام المستجدي من جراد وعسل
بري، مبكتًا الناس على خطاياهم، وداعيًا إياهم للتوبة، لأن المسيح قادم. ولا شك أن
والده الشيخ قد روى له رسالة الملاك التي تلقاها عن مولده وقوله عنه "يتقدم أمامه
بروح إيليا وقوته" (لو 1: 17).
والتقارب
بين ما نادى به إيليا وما نادى به يوحنا والتشابه في مظهرهما الخارجي ولبسهما ومعيشتهما
واضح للعيان من مقارنة قصة حياتهما.
ولم
يظن يوحنا عن نفسه انه شيء وقال انه: "صوت صارخ في البرية" (يو 1: 13).
(انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى).
وكرس حياته للإصلاح الديني والاجتماعي. وبدا كرازته في سنة 26 ب. م. وعلى الأرجح في
السنة السبتية مما مكن الشعب الذي كان منقطعًا عن العمل من الذهاب إليه إلى غور الأردن.
وقد شهد في كرازته أن يسوع هو المسيح (يو 1: 15)، وأنه حمل الله (يو 1: 29 و36). وكان
يعمد التائبين بعد أن يعترفوا بخطاياهم في نهر الأردن. (لو 3: 2 - 14). وكانت المعمودية
اليهودية تقوم:
(1)
بالغسولات والتطهيرات الشعبية
(لا 11: 40 و13: 55 - 58 و14: 8 و15: 27 وار 33: 8 2: 22 وحز 36: 25 الخ وزك 13: 1
قابل مر 1: 44 ولو 2: 22 ويو 1: 25). فأضفى يوحنا عليهما معنى أدبيًا (مت 3: 2 و6)
وعمق معناها الروحي.
(2)
بإدخال المهتدين إلى الدين
اليهودي. فأصر يوحنا على ضرورة تعميد الجميع بصرف النظر عن جنسهم وطبقتهم (مت 3:
9). إذ على الجميع أن يتوبوا ليهربوا من الغضب الآتي (مت 3: 7 ولو 3: 7). لان معمودية
المسيا الآتي ستحمل معها دينونة (مت 3: 12 ولو 3: 17، وقد طلب يسوع أن يعمده يوحنا،
لا لأنه كان مُحتاجًا إلى التوبة، بل ليقدم بذلك الدليل على اندماجه في الجنس البشري
وصيرورته أخًا للجميع.
وكانت
المدة التي عمل فيها يوحنا قصيرة ولكن نجاحه بين الشعب كان باهرًا. وحوالي نهاية سنة
27 أو مطلع سنة 28 ب.م. أمر هيرودس انتيباس رئيس الربع بزجه في السجن لأنه وبخه على
فجوره (لو 3: 19 و20).
وكانت
هيروديا زوجة هيرودس قد خانت عهد زوجها الاول وحبكت حبائل دسيسة ضده مع أخيه هيرودس.
وقد سمعت بذلك زوجة هيرودس الفتاة العربية فهربت إلى بيت أبيها الحارث وأخلت مكانها
في القصر لهيروديا الخائنة التي حنقت على يوحنا وكبتت غيظها وَتَحيَّنت الفرصة للإيقاع
به لأنه قال لهيرودس بأنه لا يحق له أن يتزوجها. وفي السجن اضطرب يوحنا ونفذ صبره بسبب
بطء المسيح في عمله. ولربما أحس بأن المسيح نسيه وإلا لماذا لا يسعفه في الظلم الذي
لحق به كما يسعف الآخرين. وطغت على أعصابه عوامل الوحشة والوحدة والقيود لأنه كان يترقب
حدوث أحداث جسام وأراد أن يرى قبل موته تحقيق أحلام حياته. وبعث تلميذين ليستعلم من
يسوع أن كان هو المسيح وأشار يسوع إلى معجزاته وتبشيره (لو 7: 18 - 23).
وكانت
قلعة مخيروس المطلة على مياه البحر الميت والتي زج يوحنا في إحدى خباياها كافية لكسر
قلب الرجل الجريء الذي نادى بقوله الحق في وجه الفريسيين والكهنة وأعطى للزنى اسمه
الحقيقي، ولو أن الزاني كان ملكًا عظيمًا. وبعد ثلاثة أشهر يحل عيد هيردوس وإذا بهيروديا
ترسل ابنتها الجميلة سالومة لتؤانس ضيوف الملك وسط المجون والخلاعة ورنين الكؤوس. واذ
بهيرودس الثمل ينتشي برقصها المثير فيقسم أمام ضيوفه بأن يعطيها ما تطلب فتطلب، حسب
رغبة أمها، رأس يوحنا على طبق. وبعد لحظات يهوي الجلاد بسيفه على عنق الرجل العظيم.
ولم يترك جثمانه دون كرامة، لأن تلاميذه جاؤوا حالًا ورفعوه ودفنوه.
يقول
جيروم أنهم حملوه إلى سبسيطيا عاصمة السامرة ودفنوه هناك بجانب ضريح اليشع وعوبديا.
أما تلاميذه فتذكروا شهادة معلمهم عن حمل الله وتبعوا المسيح (مت 14: 3 - 12 ومر
6: 16-29 ولو 3: 19 و20). ويقول يوسيفوس، أن الهزيمة النكراء التي لحقت الحارث بهيرودس
بعد ذلك التاريخ كانت جزاء وفاقا ودينونة إلهية نزلت به بسبب شره (تاريخ يوسيفوس
(18 و5 و2).
وحسب
انجيل يوحنا الرسول أن المسيح شهد فيه أعظم شهادة إذ قال: "لم يقم بين المولدين
من النساء أعظم من يوحنا المعمدان" (مت 11: 11).
بركة
القديس يوحنا المعمدان تكون معنا دائما ولالهنا المجد و الكرامة و السجود من الان والي
دهر الداهرين امين.
_____________
للأشتراك معنا على قناة اليوتيوب لكى تتابعوا الفيديوهات اليومية الجديدة ،، أدخل على هذا الرابط واضغط على كلمة (Subscribe)
صفحة القديسة مريم المصرية السائحة
No comments:
Post a Comment