سلسلة قصص روحية
126. نور الظلام
وقفت لأصلي
قبل أن أنام كعادتي كل مساء ، لكني اليوم كنت شارد الذهن بصفة خاصة حتى إنني لم
أشعر إلا بانقطاع النور الكهربائي فجأة ، نظرت خلفي فربما يداعبني أخي بإغلاقه
النور و لكن يا لغبائي كيف سأراه في ذلك الظلام الحالك. و من مكاني نظرت إلي
الشارع من خلف الشيش ، كان الصمت و الظلام يخميان على الدنيا كلها. ابتعلت ريقي و
أنهيت صلاتي بسرعة دون أن أفكر في ما أقوله ، فقد كان فكري مشغولا بالظلام الذي
يحيط بي و رأسي يمتلأ بالأفكار الغاضبة تجاه شركة الكهرباء و العاملين بها ، وكيف
كنت سألقنهم درسا قاسيا لو كنت مديرا لهم على تقاعسهم و سماحهم للكهرباء أن تنقطع
في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
دخلت سريري
لأنام و لكني لم أجد سوى الأرق و القلق الفظيع ، إن الامتحانات على الأبواب ، وحتى
تكتمل سعادتي بهذه الليلة الجميلة ، فقد سمعت أصوات غريبة خارج حجرتي ، ربما تكون
آتية من الشارع أو من أحد الجيران ، كانت أصوات عادية و لكن الظلام الدامس حولي
جعلها موسيقي تصويرية لأحد أفلام الرعب من الدرحة الأولى ، فلن أستغرب إذا رأيت
ديناصورا تحت المكتب ، أو مؤمياء فرعونية من تحت السرير.
مذاكرة و تعب
وأرق و امتحانات و ظلام و خوف و صلاة فاترة ، يا لها من ليلة ، لفت إنتباهي صليب
صغير معلق على الحائط ، لقد استطعت رؤيته لأنه مصنوع من تلك المادة الفوسفورية
اللون المتوهجة في الظلام و فكرت في 3 أمور
+ ذلك
الصليب أمامي دائما ، اليوم مثلا رأيته في الصباح قبل الكلية وفي العصر قبل
المذاكرة ولكنه لم يلفت انتباهي قط ، بل اعتدت رؤيته كقطعة من ديكور الغرفة ، لقد
شغلني عنه روتين الحياة ، ما هذا ؟ أليست يد الله في حياة كل منا كمثل ذلك الصليب
الفوسفوري ؟ لقد اعتدنا على بركات الله و خيراته و على ستره لخطايانا ، فلم نعد
نشكره لأننا اعتدنا عليها ، بل نجد بعض الناس يخاصمون الله بحجة إنه لم يعطهم مثل
باقي الناس ، ونجد من يتساءل أين وجود الله في حياتي ؟ هل تريد أن تشعر بيد الله ؟
صل قائلا: اختبرني يا الله مز139 :
23 إنك لن تشعر بيد الله إلا في التجربة
و الضيق. فمثلا كيف كان سيشعر يوسف الصديق بيد الله لولا إنه مر بسلسلة من التجارب
: خيانة اخوته ، بيعه كعبد ، بعده عن أبيه ،
تجربته مع زوجة فوطيفار ، إلقاءه في السجن .... لن ترى يد الله وتشعر بها إلا في التجربة كما
لم أرى أنا الصليب الفوسفورى إلا في
الظلام الحالك.
+ هل
نشع نحن وسط الظلمة باعتبارنا نور العالم ؟ أم نحن مجرد جزء أخر من الظلام ؟ هل من
يتعامل معنا يرى فينا نور المسيح ؟ أم يرى ظلمة العالم ؟ هل كل واحد في مدرسته
وكليته يضيء و يكون ملح للأرض ؟ هل نقوم بدورنا تجاه العالم كما يخبرنا الوحي
المقدس " إذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا " 2 كو 5 :
20 ، أنت كمسيحي وسط عالمك الخاص تماما
كشمعة أو صليب فوسفوري في وسط الظلمة.
+ من أين أتى ذلك الصليب الفوسفوري بضوئه هذا ؟ لعله يشع من ذاته أو هو مصدر ذلك
النور ؟ لا بل أنا تركته في نور النهار ثم في نور حجرتي الكهربائي أولا ، فلما
انقطع التيار، أخرج الصليب شحنة النور التي سبق و اختزنها طوال الوقت ، ألا يحدث
نفس هذا الشيء في حياتنا ؟ هل نحن ننير لأننا مصدر هذا الضوء ؟ لا ... إننا ننير
وسط الظلمة العالم لأننا قد سبق و امتلأنا من نور المسيح " ومن ملئه نحن
جميعا أخذنا " يو 1 : 16
إذا لم نعرض
أنفسنا بانتظام لنور الله و نبقى في محضره ، فإن بريقنا يخفت ، ساءلت نفسي " هل يشع في نور المسيح
الآن بسبب الوقت الذي أقضيه معه ؟ أم لم يعد الناس يرونني و لست مصدر بركة في حياة
أحد بسبب إهمالي بعدم التواجد في محضر الله ؟ هل إهمالي للتناول و تهاوني في
الصلاة و عدم حضوري القداسات منذ فترة سببا في انطفاء نور المسيح في ؟
هنا وجدت نفسي أصلي ترنيمة للأطفال كنت أحبها وأنا صغير
:
" ربي نـــــــــــــــــــور
بنــــــــــــــــــــورك في وســــــــــــــــــط الظلمـــــــــــــــة اللي
حوالــي "
ثم صليت الآن و أنا أعي كل كلمة أقولها " يارب أشكرك من أجل افتقادك لي من
أجل تحويلك لهذا الموقف البسيط إلي بركة عظيمة في حياتي ، يارب ساعدني حتى أحصل
على شحنة ثانية و ثالثة من قوتك الإلهية حتى يستفيد الآخرون منها ، ويرون نورك و
ضياءك في
آميـــــــــــــــــــــــن
_____________
للأشتراك معنا على قناة
اليوتيوب لكى تتابعوا الفيديوهات اليومية الجديدة ،، أدخل على هذا الرابط واضغط
على كلمة (Subscribe)
صفحة القديسة مريم المصرية
السائحة
No comments:
Post a Comment