سلسلة قصص روحية
128. براكين الغضب
فتح
" أنطوان " عينيه على صوت الشجار المستمر بين أبوه القاسي و أمه التي لا
تقل عنه عنفا ، و تشرب الحقد و الكراهية الذي سرعان ما زاد بداخله حتى شمل كل من
حوله ، فمن أين يأتي بالحب و هو لم يراه أو يتذوقه ؟ فأصبح تلميذا مشاغبا في
المدرسة حتى رفض و حاول أبوه أن يعلمه صنعة إلا أنه سرق و ضرب رئيسه و اعتدى على
زملائه و أصبح له كل يوم قصة يتباهى بها على تلاميذه من أصدقاء السوء و هم يهللون له و يتخذونه
زعيما .
و في ليلة بلغ الضيق بجاره " ماركوس " أشده
، فدخل منزله و أمسك بعنقه مهددا : "
إن لم تكف عن ذلك ، فسأبلغ البوليس و ستكون نهايتك في السجن " و تركه ....
ثارت ثائرة " أنطوان " و أقسم أن ينتقم من جاره الذي أهانه هكذا و عمل
خطة شيطانية بمعاونة أصدقائه و هجم على بيت جاره في منتصف الليل و ضربه ضربا مبرحا
و تركه بين حي و ميت و هو يقول له : " دي تصبيره صغيرة علشان تعرف مين هو
" أنطوان " ؟
و لكن لسوء حظه إن البوليس قبض عليه و قضت المحكمة بسجنه
3 سنوات ، و في ظلام السجن ملأ الغيظ قلبه أنا الذي تعودت أن أعمل إي شئ أريده ،
أنا الزعيم الذي يأمر و ينهي ، أنا الذي أخرج في إي وقت من الليل أو النهار فيرتعب
مني الآخرين ، ثم يأتي هذا الصعلوك " ماركوس " و يتسبب في سجني ، سأريه
من هو "أنطوان" عندما أخرج من هنا ، من هذا السجن الكئيب . و
لكن متى ؟ بعد 3 سنوات طويلة كئيبة .
و يوما فيوما تزايدت رغبة الانتقام و الحقد والكراهية
داخله حتى لم يستطع النوم ، و أراد إنهاء حياته و لكن كيف و هو لا يملك لا سلاح
يقتل به نفسه و لا الشجاعة التي تمكنه من ذلك . طلب " أنطوان " أن يتقابل
مع المرشد أو المصلح الاجتماعي الخاص
بالسجن ، بعد أن أمتنع عن الطعام عدة أيام . فجئ إليه رجل مسيحي ، دخل إليه
بابتسامة و السلام يملأ قلبه و الحب يفيض منه ، لم يعامله بازدراء كمجرم لكنه كلمه
عن محبة المسيح له ، استنكر " أنطوان " أن يوجد من يحبه فمنذ ولادته لم
يحبه أحد ، فكيف يحبه المسيح إذا كان فعلا يعرف أعماله .
تكلم معه المرشد المسيحي بهدوء و قال له :" إنه وعد
أن يستجيب الصلاة إذ كانت حسب مشيئته " ، فيمكنك أن تجرب ، اطلب من الله
بحرارة أن يزيل الكراهية و الرغبة في الانتقام من قلبك ، و سأترك لك هذا الإنجيل
لكي تقرأ رسالة الله لك .
و في يأس صلى" أنطوان " لأول مرة في حياته :
يا إلهي ، هل تستطيع أن تنزع الكراهية من قلبي ، إن كنت تستطيع فتحنن علي ، شعر
أنطوان لأول مرة بالسلام يدخل قلبه قليلا حتى هدا و نام .
و في الصباح فتح الإنجيل و تعجب عندما قرأ قصة السامرية
و المرأة الزانية و ظل يقرأ كل يوم بنهم شديد ، فقرأ قصة زكا و كيف دخل بيته السيد
المسيح ، و عندما وصل لقصة اللص اليمين ، خفق قلبه ، كيف يمكن أن يدخل الفردوس ؟ و
ركع و صلى بحرارة و طلب من الله أن يقبله مثله .
و مرت الثلاث سنوات و خرج " أنطوان " من السجن
فرحا متهللا ، و في ثاني يوم من خروجه ، كان يتمشى و إذ به يجد " ماركوس
" أمامه على بعد خطوات ، و ما أن وقعت عينا " ماركوس " عليه حتى
اصفر وجهه من الرعب و الفزع ، و في نفس الوقت تصاعدت براكين الغضب داخل "
أنطوان " فها هو عدوه اللدود الذي كان السبب في سجنه و ...... و لكنه تذكر
إلهه الذي غفر للذين صلبوه ، فصرخ من أعماقه : " يارب ، أنقذني من نفسي و لا
تتركني " .
أما " ماركوس " فكانت ضربات قلبه تتزايد بسرعة
رهيبة كلما اقترب منه " أنطوان " ، و ما أن تقابلا حتى فتح "
أنطوان " أحضانه لجاره " ماركوس " و هو يقول له : لا تخف ، فأنا
سامحتك كما سامحني المسيح .
إن كنت مغلوبا يا صديقي من إي خطية أو فكر أو طبع ، فهو
يستطيع أن يغيرك إن صليت بحرارة و طلبت منه في الصلاة .
+ و كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين
تنالونه ( مت 21 : 22 )
_____________
للأشتراك معنا على قناة
اليوتيوب لكى تتابعوا الفيديوهات اليومية الجديدة ،، أدخل على هذا الرابط واضغط
على كلمة (Subscribe)
صفحة القديسة مريم المصرية
السائحة