سلسلة قصص روحية
10. جلد لآجلى
+ حدث قبل سنوات
عديدة وفي احدى المدن الجبلية النائية انه كانت توجد مدرسة لم يستطع أي معلم ان يؤدب
تلاميذها الذين كانوا شرسين للغاية ، ولذا كان المعلمون يفضلون الاستقالة على
البقاء فيها .
وفي احدى الأيام
تقدم معلم اشهب العينين في مقتبل العمر طالباً ان يُقبل كمعلم في المدرسة ، فتفرس
مدير المدرسة العجوز بوجهه وبادره بقوله : "ايها الزميل الشاب ، أتعلم ما
طلبت ؟ إنهم قتلة ! جميع الذين علَّموا قبلك عندنا لم يسلموا منهم .. فاجاب المعلم
على الفور : "سأغامر" .
واخيراً ظهر في غرفة
الفصل ليبدأ التعليم . عندما همس احد التلاميذ الضخام الجثة واسمه زياد قائلاً :
"لن أطلب أية مساعدة منكم يا اصدقائى ، فبأمكاني ان أغلبه لوحدي ".
قال المعلم : صباح
الخير يا اولاد ، لقد أتينا لنباشر الدراسة ! فزعقوا بأعلى صوتهم رادين له التحية
. فقال لهم " انني اريد ان نصبح مدرسة
جديدة لكن لن اكتم عليكم انني لا اعرف كيف ما لم تساعدوني انتم . اعتقد انه ينبغي
ان يكون لنا بعض القوانين . انتم اذكروها وانا اسجلها على اللوح الاسود .
فصرح احدهم قائلاً: "السرقة ممنوعة ! " وزعق آخر قائلاً
"ينبغي الحضور الى المدرسة في الوقت المعيَّن دون تأخير" . وهكذا سجلوا
عشرة نقاط في القانون الجديد للمدرسة .
" والآن" قال المعلم ، " لا فائدة من القانون ما لم يرتبط
بعقاب للمخالف . ماذا سنفعل بالذي يخالف احد هذه البنود من القانون ؟"
"اجلده عشرة
جلدات على ظهره ، على ان يكون بلا معطف ".
"هذا العقاب
شديد وموجع يا اولاد ، فهل انتم على استعداد لتطبيقه ؟ " فزعق الجميع بصوت
واحد "موافقين" . فقال المعلم عندها " اذاَ ، يعتبر هذا النظام
ساري المفعول من هذه اللحظة في المدرسة " .
بعد مضي يوم واحد او
يومين وجد "زياد البدين" ان طعامه قد اختلس ، وبعد التحقيق الدقيق ظهر
السارق ـ انه احد التلاميذ الصغار ، في العاشرة من عمره . في صباح اليوم التالي
اعلن المعلم قائلاً : "لقد وجدنا السارق ، وبموجب القانون الذي وضعتموه ، يجب
ان يعاقب بجلده عشرة جلدات على ظهره ! تعال الى هنا يا فريد !"
تقدم الفتى الصغير
مرتجفاً وهو يسير ببطء . وكان يلبس معطفاً فضفاضاً ومقفل الأزرار حتى الرقبة ،
ويتوسل الى المعلم قائلاً " بامكانك ان تجلدني بأقسى شدة ، لكن ارجوك ، لا
تطلب مني ان اخلع معطفي ! "
" بل يجب ان
تخلع معطفك ، لقد كنت انت احد واضعي هذا القانون ! "
" آه ، يا
معلمي ارجوك ان تعفيني من ذلك ! " ولما لم يجد استجابة لتوسلاته ابتدأ يفك
ازرار المعطف ، ويا لهول ما رأى المعلم ! لم يكن المسكين يلبس قميصاً تحت المعطف
بل كانت هناك سيور حمالة سرواله على جسده النحيل وعظامه بارزة لشدة هزاله .
" كيف يمكن جلد
هذا الصبي ؟ " فكر المعلم في نفسه ، " لكن يجب ان اتخذ أي اجراء ان كنت
اريد الابقاء على هذه المدرسة " . خيم الصمت الرهيب وبدى الإنذهال على الجميع
. "كيف حدث انك بدون قميص يا فريد ؟ "
" لقد توفى
والدي " قال فريد ، و "والدتي فقيرة جداً ، وليس عندي سوى قميص واحد ،
وهي تغسله اليوم ، لقد ارتديت معطف اخي الكبير لاستدفئ به " .
تلعثم المعلم واحتار
في أمره ، بينما كانت العصا ما زالت في يده . وعندها قفز "زياد البدين"
وافقاً يقول : " ان كنت لا تمانع ، اجلدني انا نيابة عن فريد . "
" حسن جداً ،
هناك قاعدة ثابتة تقول ان بامكان الشخص ان ينوب عن شخص آخر . فهل كلكم موافقون على
ذلك ؟ "
خلع "زياد
البدين" معطفه ، وبعد خمس جلدات على ظهره انكسرت العصا ! عندها وضع المعلم كفيه
على راسه ، مفكراً في نفسه . "كيف استطيع ان انهي هذه المهمة المريعة ؟
"
ثم سمعه الصف كله
يشهق مسترداً انفاسه ، فماذا رأى امامه ؟ "فريد الصغير" يسرع الى زياد
ويلف ذراعه حول عنق زياد قائلاً : " انا متأسف يا زياد لأني اختلست طعامك .
لكني كنت جائعاً جداً . سأحبك يا زياد الى آخر يوم من حياتي لأنك قبلت ان تجلد
نيابة عني ! نعم سوف أحبك الى الأبد ! "
+ + +
قارئي العزيز ، هل حدث
ان احسست ان حالك هو نفس الحال الذي كان فيه فريد ؟ تعديت وكسرت الشرائع والقوانين
، وانك تقف مذنباً في نظر الله كخاطئ وتستحق العقاب الأبدي " فالنفس التي
تخطئ هي تموت " . لكن يسوع المسيح رضي ان يجلد نيابة عنك وهذا ما فعله على
الصليب ، وها هو الآن يقدم لك رداء الخلاص ليسترك به "
فهل ستقبله كنائب عنك
! معترفاً بخطاياك : " ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا
خطايانا ويطهرنا من كل اثم . " الا تقع عند قدميه وتقول له انك ستحبه وتتبعه
الى الأبد ؟
دمي الثمين قد ارقت
من أجلك ...
وأنت ماذا يا ترى ــــ فعلت من أجلي ؟؟
No comments:
Post a Comment